مع قدوم الصيف وتحديات الحياة
قدرة الله في فصل الصيف: آيا ت تظه ر في الح ر واللقاء
مقالات


الصيف فصل تتنوع فيه مظاهر الطبيعة بين لفح الشمس الحارق، ونسيم الفجر العليل، واخضرار الثمار بعد نضجها، وامتلاء الأنهار بالخير الوفير. وفي كل هذه المشاهد تتجلّى قدرة الله عزّ وجلّ وعظمته، فما أن تُمعن النظر حتى ترى الآيات الباهرة التي تذكّرك بأن الله هو القادر على كل شيء، وهو الذي يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه.
الشمس: آية في الإحراق والإنعام
في الصيف، تصل الشمس إلى ذروة قوتها، فتذيب الصخور في بعض الصحارى، وتجعل الحجارة لا تُطاق من شدة حرارتها. ومع ذلك، فهي نفس الشمس التي تمنح الدفء للنباتات فتنمو، ويسخر الله لها أشعتها لتنتج لنا الفواكه اللذيذة، والتمور التي تزدان بها موائد رمضان.
قال تعالى:
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [إبراهيم: 33]
فسبحان من جعل هذه النار العظيمة نعمة لا نستطيع العيش دونها!
الليل والنهار: توازن إلهي بديع
لو كان الصيف دائمًا بلا ليل، لهلك الناس من شدة الحر، ولو كان الليل دائمًا لتعطلت مصالح البشر. لكن الله بحكمته جعل الليل سكنًا والنهار معاشًا، وجعل الصيف والشتاء يتعاقبان ليُري عباده آياته.
قال تعالى:
﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ [يونس: 6]
فالحمد لله الذي جعل الليل ظلمة نستريح فيها، والنهار ضياءً نعمل فيه.
الرزق في الصيف: مِنَّة من الكريم
في هذا الفصل، تُفتح أبواب الرزق بطرق لا تُعد ولا تُحصى: فالثمار تنضج، والأسواق تزدان بأنواع الفاكهة، والمسافرون يجدون في الإجازة فرصة للكسب والترويح عن النفس.
كل هذا من فضل الله ورحمته، فهو الذي يُنزل الأرزاق، ويُوسّع على عباده في الوقت الذي يظنون فيه أن الحر قد يقهرهم.
قال تعالى:
﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: 6]
الصيف الكويتي: تحدٍّ يومي
الكويت في الصيف ليست مجرد فصل من فصول السنة، بل هي اختبار للصبر والتحمّل، حيث تتحول الشوارع إلى أفران تذوب فيها الظلال، وترتفع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تدفع الجميع إلى البحث عن ملاذات مكيّفة.
لكن بين هذا الحر القاسي، تبرز قصة أخرى متداخلة، قصة أولئك الذين اختاروا أن يقضوا الصيف بعيدًا عن الكويت، طلبًا للعلم في الخارج.
الدارسون في الخارج: بين الغربة واكتشاف الذات
الطلاب الكويتيون المبتعثون للدراسة في الخارج يعيشون تجربة صيفية مختلفة، حيث يصادف بعضهم فصل الصيف لأول مرة في بلاد لا تعرف حر الكويت، بل قد تكون أجواؤها معتدلة أو حتى باردة.
لكن الغربة لا تخلو من التحديات، فالبعد عن الأهل والأصدقاء في وقت تُعتبر فيه الإجازة الصيفية فرصة للاجتماعات العائلية والسفر، قد يترك شعورًا بالحنين والوحدة.
لكن هذه الغربة تصنع شخصيات أقوى.
الطالب المبتعث يتعلم الاعتماد على نفسه، وإدارة وقته بين الدراسة والعمل الجزئي أحيانًا، واكتشاف ثقافات جديدة تثري خبراته.
الصيف في الخارج ليس فقط استراحة من الدراسة، بل فرصة للسفر وتوسيع الآفاق، حيث يزور العديد من الطلاب دولًا أوروبية أو أمريكية، فيكتشفون فنونًا جديدة، وتاريخًا مختلفًا، وحتى أنماط حياة لم يعرفوها في الكويت.
التداخل بين الحرارة والاغتراب: دروس للحياة
قد يبدو الصيف في الكويت والدارسون في الخارج موضوعين منفصلين، لكنهما يتداخلان في صنع تجربة إنسانية متكاملة.
فالشاب الذي يعاني من حرّ الكويت يتعلم الصبر، والآخر الذي يغترب يتعلم القوة. كلا التجربتين تُكملان بعضهما، فالحياة ليست فقط ترفيهًا واستجمامًا، بل أيضًا تحديات تُعزز الشخصية.
الصيف مدرسة للإيمان
الصيف ليس مجرد حرّ يُقاسى، بل هو فصل تُذكّر فيه قدرة الله في كل شيء: في حكمة خلق الشمس، وفي نعمة الماء، وفي توازن الليل والنهار، وفي سعة الرزق.
فإذا أدرك الإنسان هذه الحقائق، شعر بالطمأنينة، وعلم أن الله هو الذي يُدبر الأمر كله.
فسبحان من بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير!