فن التجاهل في وقت التخاذل

في مسرح الحياة، لا شيء يؤلم أكثر من التخاذل في اللحظات التي كنا نظن أن الأكتاف ستكون ثابتة خلفنا. فبينما كنا نبحث عن من يساندنا، وجدنا أنفسنا وحدنا. هنا، لا يكون الرد صراخًا، ولا يكون الانتقام فعلًا… بل يكون الارتقاء هو التجاهل، والصمت هو البطولة.

التخاذل.. طعنة في الظهر

التخاذل لا يأتي من غريب، بل غالبًا ما يأتي من أقرب الناس، ممن أعطيناهم مساحات واسعة في قلوبنا. يأتينا التخاذل على هيئة خذلان صديق، أو تخلي شريك، أو تراجع شخص وعد وبنى آمالًا. هذه الطعنة لا تصيب الجسد، بل تصيب الثقة، وتهز أعماق النفس.

لماذا التجاهل؟

لأننا لسنا مطالبين بحمل ثقل كل خذلان، ولا بلعب دور الضحية في كل قصة. التجاهل هنا ليس تجاهلًا بمعناه البسيط، بل هو أسلوب حياة يختصر الكثير من الجدل والتعب. هو قرار بأن نحمي قلوبنا من السقوط مرة أخرى، أن نحافظ على ما تبقى فينا من نقاء، دون أن نسمح للحقد أن يسكن أرواحنا.

التجاهل قوة، لا ضعف

البعض يظن أن من يتجاهل يهرب، لكن الحقيقة أن من يتجاهل يختار أن لا يُستنزف. القوة لا تعني الرد، ولا تعني المواجهة دائمًا. أحيانًا، أقوى رد على الخذلان هو أن تستمر في حياتك دون أن تهتز، أن تبتسم وأنت تمضي، أن تنجح دون أن تشرح، وتسامح دون أن

مواقف تُعلِّمنا التجاهل

كلنا مررنا بمواقف خذلان، وكل مرة نظن أننا لن نمر بها من جديد، حتى يُثبت لنا الواقع غير ذلك. ولكن كل تجربة تترك فينا درسًا. وكل خذلان يعلمنا أن نُحسن اختيار من نعتمد عليهم. وما بين خذلان وخذلان، ينمو في داخلنا هذا الفن… فن التجاهل الراقي، الذي لا

يُمارس إلا من عرف طعنة الخيبة

.

كيف تتقن فن التجاهل؟

• لا تتوقع من أحد شيئًا، فتقل احتمالات الخيبة.

• لا تبرر غيابهم، ولا تعذر تقصيرهم.

• عندما ترى حقيقتهم، صدّقها، ولا تبحث عن تبريرات.

• امضِ في طريقك، وتذكّر أن الله لا ينسى المظلوم.

• طهّر قلبك من الغضب، ولكن لا تسمح لأحد بإيذائك مرتين.

الخاتمة

دع كل من خذلك خلفك، بلا ضجيج، بلا كلمة، بلا شرح. اجعل إنجازك هو الرد، ونجاحك هو الانتقام النبيل. تجاهلهم لا لأنك لا تبالي، بل لأنك تستحق من يقدّرك في حضورك، لا من يتوارى في غيابك.

**وفي نهاية المطاف، كن كما يليق بك: راقٍ في مشاعرك،

حين يكون الصمت هو الرد الأقوى، والتجاهل أرقى أشكال القوة...