حوار "كونا" يستشرف مستقبل الإعلام العربي: خبراء يؤكدون ضرورة التحول الرقمي والتكامل المهني لمواجهة فوضى المعلومات
استهدفت استشراف مستقبل المشهد الإعلامي وتحديد التحديات المصاحبة للتسارع التكنولوجي
محليات


في إطار فعاليات "الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025"، نظمت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) ندوة حوارية موسعة بعنوان "حوار كونا"، استهدفت استشراف مستقبل المشهد الإعلامي وتحديد التحديات المصاحبة للتسارع التكنولوجي.
دعم القيادة للحرية المسؤولة والتنمية
أكد مدير عام وكالة الأنباء الكويتية بالتكليف، محمد المناعي، في كلمته الافتتاحية أن اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025 يجسد المسيرة الرائدة للبلاد التي أسست لمفهوم الحرية المسؤولة وفتحت آفاقًا واسعة للإبداع الإعلامي والثقافي. وأشار المناعي إلى الاهتمام البالغ الذي توليه القيادة الحكيمة لتطوير منظومة الإعلام والثقافة، باعتبارهما ركائز أساسية لبناء المجتمع وتحقيق التنمية الشاملة. ووصف التجمع بأنه فرصة ثمينة لاستشراف مستقبل الإعلام الوطني في ظل التحولات المتسارعة التي تُعيد تشكيل خريطة العمل الإعلامي عالميًا. وشدد على أن مسؤولية "كونا" تتجاوز نقل الخبر إلى دعم الرسالة الإعلامية الوطنية الشاملة وتكريس قيم المسؤولية المهنية.
تأكيد على دور وكالات الأنباء والإعلام الرسمي
تناولت الجلسة النقاشية الأولى، تحت عنوان "الإعلام الرسمي بين الماضي والحاضر"، دور وكالات الأنباء في نقل الأخبار الموثوقة من مصادرها الرسمية، مؤكدة أنها لم تعد مرجعًا للصحف فحسب، بل محطات الإذاعة والتلفزيون أيضًا.
وليد الجاسم (رئيس تحرير الراي): أكد أن مؤسسات الإعلام الحكومي تزخر بكفاءات عالية، لكنها تحتاج إلى فرصة للعمل بعيدًا عن التقييد الحكومي لتحقيق الإبداع. وشدد على أهمية أن تكون وكالات الأنباء والتلفزيون الحكومي مؤثرة في أوقات الضرورة وقادرة على إقناع الجمهور وتسويق مشاريع الدولة، وذلك عبر تحديد الشريحة المستهدفة والتعامل معها بفاعلية. ودعا "كونا" إلى لعب دور أكبر في سرعة الرد على الشائعات.
سعد العلي (نائب المدير العام السابق لكونا): أوضح أن علاقة وكالات الأنباء بالصحافة قائمة على التكامل لا المنافسة، وأن الوكالة تسعى جاهدة لصناعة الخبر لا استقباله فقط، مؤكدًا ضرورة توفير الأمن الوظيفي والبيئة الملائمة للإبداع للعاملين فيها.
بدر الدعي (مدير إدارة البرامج الثقافية بتلفزيون الكويت): استعرض مراحل تطور تلفزيون الكويت منذ انطلاقه عام 1961 وحتى الوصول إلى ثمان قنوات حاليًا، مشيرًا إلى أن جميع مقدمي البرامج الآن هم من الكوادر الكويتية التي تعكس الهوية الوطنية، وأن التلفزيون يواصل دوره الثقافي والفني تماشيًا مع اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي.
د. يوسف السريع (مدير إدارة البرنامج الثاني والمحطات المحلية في إذاعة الكويت): استذكر دور إذاعة الكويت، التي انطلقت عام 1951، ودورها البارز خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، مشيرًا إلى أن الإذاعة أسهمت فيما سماه "القوة الناعمة" التي مكنتها من امتلاك أرشيف سمعي ضخم يُعد من أغنى المكتبات في المنطقة.
التحديات الرقمية وضرورة التحول
ناقشت الجلسة الثانية "الصحافة والإعلام الجديد" التحولات الرقمية وأثرها على المشهد الإعلامي، وتحديات الصحافة الورقية وفوضى المعلومات.
د. فريد أيار (الأمين العام لاتحاد وكالات الأنباء العربية - فانا): حذر من الفوضى المعلوماتية التي تشهدها وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أهمية دور وكالات الأنباء الرسمية في نشر الأخبار الصحيحة والتحقق من دقتها. وأشاد بريادة "كونا" على مستوى العمل العربي.
نبيل غيشان (رئيس مجلس إدارة وكالة بترا): أشار إلى أن الإعلام يواجه تحولات جذرية بفعل الثورة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن المصداقية والدقة أصبحتا تحديًا جوهريًا في ظل تشتت الجمهور وتراجع الثقة.
عبدالله بو حجي (المدير العام لوكالة بنا): أشاد بالإعلام الكويتي كـمدرسة إعلامية مميزة في المنطقة. وأكد أن وكالات الأنباء تمثل إعلام الدولة الرسمي وتعمل على مواكبة التطور الرقمي، مؤكدًا أنها تبقى المرجع الموثوق للخبر الصحيح.
رمضان الرواشدة (المدير العام السابق لوكالة بترا): أكد ريادة الكويت الثقافية والإعلامية، مشيرًا إلى أن التطور التكنولوجي جعل كل فرد إعلاميًا دون ضوابط أو التزام بالمعايير الأخلاقية، مما يزيد من تحديات المصداقية.
تكامل الأدوار وتحدي الحقيقة
تناولت الجلسة الثالثة "تكامل الأدوار الإعلامية"، مؤكدة أن مصداقية الإعلام ركيزة أساسية لتعزيز الشفافية.
وليد النصف (رئيس تحرير القبس): أوضح أن مواكبة التحول الرقمي أصبحت ضرورة، مشيرًا إلى تراجع حصة الإعلانات في الصحف الورقية من 60٪ إلى 9٪ تقريبًا. وأكد أن الصحف الورقية لا تنافس "كونا" التي تعد المصدر الأكثر قدرة على تغطية الفعاليات الرسمية بدقة ومهنية.
ناصر العتيبي (رئيس تحرير الجريدة): أكد أن حقيقة الإعلام المستقل تختلف عن حقيقة الإعلام الحكومي. وشدد على أن الاختلاف مطلوب حتى لا يكون للإعلام الكويتي "لون واحد وصبغة واحدة". ورأى أن دور الصحافة الوطنية هو ممارسة دور السلطة الرابعة (الرقابة والنقد والإشادة)، وأن تعزيز الهوية مسؤولية الأجهزة الحكومية لا الصحافة.
عدنان الراشد (رئيس جمعية الصحفيين الكويتية): أكد أن الإعلام الرسمي هو جهة مساندة وموثوقة لدى الصحافة المحلية، مشيدًا بالقدرات المهنية للعاملين في "كونا" وبدورها البارز إبان الغزو العراقي الغاشم عام 1990.