الوهم التنظيمي

عندما تولى حمد منصب مدير إدارة جديدة داخل مؤسسة كبيرة، كان يتوقع تحديات متعددة، لكن ما واجهه كان صدمة حقيقية. في البداية، فوجئ بحجم الإجراءات المعقدة والنماذج التي كان يجب عليه التعامل معها. كان من الصعب اعتماد طلب بسيط دون الحاجة إلى توقيعات خمسة أشخاص على الأقل، أما تنفيذ مشروع صغير فكان يتطلب ملء استمارات لا حصر لها

مقالات

م. عبد الله حمود الغريب

8/2/20251 دقيقة قراءة

عندما تولى حمد منصب مدير إدارة جديدة داخل مؤسسة كبيرة، كان يتوقع تحديات متعددة، لكن ما واجهه كان صدمة حقيقية. في البداية، فوجئ بحجم الإجراءات المعقدة والنماذج التي كان يجب عليه التعامل معها. كان من الصعب اعتماد طلب بسيط دون الحاجة إلى توقيعات خمسة أشخاص على الأقل، أما تنفيذ مشروع صغير فكان يتطلب ملء استمارات لا حصر لها. كان يبدو وكأن البيروقراطية تحكم كل شيء، أصبححمد وفريقه عالقين في دوامة لا تنتهي من الأوراق والتعقيدات. ومع مرور الأيام بدأ يتساءل: «هل هذا فعلاً تنظيم أم هو مجرد تعقيد؟».

حمد لم يكن من النوع الذي يستسلم للأوضاع السلبية. لذا، قرر أن يقوم بمراجعة شاملة لجميع الإجراءات المعمول بها. بدأ يسأل أسئلة مهمة مثل ما قيمة كل إجراء؟ من المستفيد من هذه النماذج؟ هل هناك إمكانية لاختصار العمليات أو دمج بعض الإجراءات لنكون أكثر كفاءة؟ بعد دراسة متأنية، اكتشف أن نصف النماذج المستخدمة ليست لها قيمة حقيقية، وأنها تستهلك وقت فريقه دون أن تضيف أي فائدة. هذه الاكتشافات كانت بمنزلة جرس إنذار له؛ لقد أدرك أنه يجب عليه اتخاذ خطوات جادة لتحسين سير العمل وتبسيط الإجراءات.

بعد شهور من العمل المستمر، بدأت جهود حمد تؤتي ثمارها. استطاع أن يعيد تصميم الإجراءات بطريقة تركز على الفعالية وتخفف العبء الإداري. كان الفريق يبدأ في استشعار التغيير، حيث أصبحوا قادرين على إنجاز المهام بسرعة أكبر وبكفاءة أعلى الجهود المبذولة لم تكن مجرد تحسينات إجرائية، بل كانت تغييراً شاملاً في ثقافة العمل أصبحت العلاقات داخل الفريق أكثر انفتاحاً، وبدأ الجميع يشعرون بأنهم يحققون تأثيراً حقيقياً في عملهم. لم يعد «التنظيم» مجرد وهم إداري، بل أضحى حقيقة ملموسة تعزز إنتاجية الفريق.

هذه التجربة أثبتت لحمد وزملائه أن البيروقراطية، على الرغم من كونها تبدو ضرورية في إدارة العمل، لكنها في كثير من الأحيان تجلب التعقيد بدلاً من التنظيم الفعلي لقد أدركوا أن الحواجز الورقية لیست سبيلاً لتحقيق كفاءة حقيقية، بل إن البساطة والذكاء في التصميم هما السبيل الوحيد للتغلب على الوهم التنظيمي. العبرة المستفادة هنا واضحة التنظيم يجب أن يكون حقيقياً وفعالاً، وليس مجرد طقوس تستهلك الوقت والجهد. فعندما تكون هناك إرادة فعلية لتبسيط الإجراءات وتحسين بيئة العمل، يمكن للفرق تحقيق نجاحات كبيرة وإحداث تأثير حقيقي في المؤسسة.