العوازم في الجزيرة العربية: قبيلة صنعت التاريخ وأورثت المجد
في زوايا التاريخ المنسي، وعلى ضفاف الخليج العربي، تطلّ قبيلة العوازم كإحدى علامات الهوية الوطنية الراسخة في الكويت والجزيرة العربية
مقالات


في زوايا التاريخ المنسي، وعلى ضفاف الخليج العربي، تطلّ قبيلة العوازم كإحدى علامات الهوية الوطنية الراسخة في الكويت والجزيرة العربية، حيث خطّت هذه القبيلة سطور مجدها بصبر الرجال، وعرق الأجداد، ونقاء الأصل.
جذور في الحجاز... وفروع تظلل الخليج
ترجع أنساب قبيلة العوازم إلى هوازن العدنانية، وهي من القبائل العربية الأصيلة التي ذُكرت في كتب النسب منذ قرون. وقد أثبت هذا النسب مؤرخون كبار، منهم:
• ابن حزم في "الجمهرة في أنساب العرب"
• القلقشندي في "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب"
• السويدي في "سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب"
وتؤكد هذه المصادر أن العوازم تنحدر من فرع عازم بن هند بن هلال بن نفيل من هوازن، وهو ما يعزز مكانتها ضمن القبائل التي احتفظت بنقائها العربي دون تهجين أو تحالفات باهتة.
الهجرة من الحجاز إلى الخليج: من الصحارى إلى السواحل
نتيجة حربهم مع الشريف بدأت قبيلة العوازم تتحرك شرقًا، من الحجاز إلى مناطق شرقي شبه الجزيرة العربية. فاستقرت في مناطق متعددة من الساحل الكويتي وجزره، مثل:
• فيلكا
• بوبيان
واشتغل أفرادها بمهن البحر، وكانوا من أبرز الغواصين والبحارة. كما امتهنوا الزراعة والرعي في المناطق الداخلية، معتمدين على مواردهم وخبراتهم الفطرية.
العوازم في الوثائق العثمانية وشهادات الرحالة
ذكرت الوثائق العثمانية اسم قبيلة العوازم في سجلات الضرائب ومراسلات الحماية، وتحدثت عن تواجدهم في الجزر الكويتية منذ القرن الثامن عشر. كما وردت إشارات إليهم في مؤلفات الرحّالة البريطاني لوريمر، الذي وثّق انتشار القبائل في الخليج وأدوارها الاجتماعية.
مواقف وطنية وميادين شرف
حين دارت معارك الدفاع عن الكويت في وجه الغزوات الخارجية، لم يتأخر رجال العوازم، بل كانوا في مقدّمة الصفوف، يسهمون في الذود عن الأرض والعرض. وكانوا من أوائل من وقفوا إلى جانب الحكّام الكويتيين في بناء الدولة الحديثة.
وقد سجّلت لهم المجالس الكويتية والمرويات الشعبية حضورًا مميزًا في حلّ النزاعات، والفصل بين القبائل، مستندين إلى تقاليد راسخة في العدل والشرف.
من ذاكرة الشعر: الفخر والولاء
خلّد الشعر النبطي سيرة العوازم، حيث قال أحد شعرائهم:
"حنا العوازم لا بغى الطيب رجال
واللي علينا شان ما له سنود"
وفي بيت آخر، يفتخر أحدهم بانتمائه:
"من نسل هوازن يا كريمين الأفعال
من عزوةٍ لا حطّت الراي تسود"
وتنقل الروايات أن شيوخ العوازم كانوا يستقبلون زوّارهم بالشعر والكرم، ويستعرضون بطولات القبيلة في المناسبات العامة، فيتجلّى التاريخ حيًّا على لسان الرواة.
الروايات الشفهية: ذاكرة لا تموت
تحفل الذاكرة الشعبية لدى كبار السن من العوازم بقصص عن التنقلات، والمعارك، والسنوات العجاف، مثل "سنة الطبعة" التي فقدوا فيها العديد من سفنهم في البحر، وكذلك سنوات الغوص، حيث كان الشباب ينطلقون شهورًا لجمع اللؤلؤ، ويعودون بكيس صغير مليء بالحكايات.
العوازم في الحاضر: من الأصالة إلى الريادة
اليوم، يشكل أبناء العوازم جزءًا حيويًا من نسيج الدولة الكويتية، حيث تجدهم في مناصب حكومية، وبرلمانية، وأكاديمية. كما لا تزال القبيلة تحرص على المحافظة على تقاليدها ومجالسها، وتشارك في المناسبات الوطنية، متجذّرة في الأرض كما الأشجار، ومتطلعة إلى المستقبل كما النجوم.
المراجع:
• "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" – القلقشندي
• "الجمهرة في أنساب العرب" – ابن حزم
• "سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب" – السويدي
• وثائق الأرشيف العثماني
• "دليل الخليج" – لوريمر
• روايات كبار السن من أبناء العوازم
• أرشيف الصحافة الأردنية (الراي – 2010)