خفض رؤوس الأموال: خسائر مزدوجة للمساهمين في الشركات الخاسرة وسؤال حول ضمانات المستقبل
يشهد السوق المالي موجة متزايدة من الشركات الخاسرة التي تلجأ إلى عمليات خفض رؤوس الأموال لشطب الخسائر المتراكمة
إقتصادية


يشهد السوق المالي موجة متزايدة من الشركات الخاسرة التي تلجأ إلى عمليات خفض رؤوس الأموال لشطب الخسائر المتراكمة، وهو ما يثير قلق المستثمرين ويطرح تساؤلات حول فعالية هذه الإجراءات. فبدلاً من استغلال السيولة في اكتتابات عامة أو زيادات رأسمال لشركات تشغيلية ممتازة، تتجه الشركات المتعثرة إلى خفض رؤوس الأموال كحل أخير، ما يشكل تضحية بحقوق المساهمين.
أسباب اللجوء إلى خفض رأس المال: تُجبر بعض الشركات على خفض رأسمالها بسبب عدة عوامل، منها:
عدم وجود احتياطيات كافية: أو قصور في بنائها من الأساس.
ضعف الملاءة المالية للشركة: وانعدام وجود أحزمة مالية أولية.
استمرار قرارات خاطئة: تفاقم الخسائر سنوياً.
غياب مؤشرات القياس: التي يمكن الاعتماد عليها في تصحيح المسار مبكراً.
فشل الإدارات: في تحقيق أرباح أو وقف خسائر برؤوس أموال كاملة، ما يثير الشك حول قدرتها على العمل برأسمال جزئي أقل بكثير.
المعالجة المزدوجة التي تضر المساهمين: تكمن الأزمة الأكبر التي تواجه المستثمرين في ملفات شطب رؤوس الأموال في المعالجة التالية واللاحقة التي تتم على حسابهم، والمتمثلة في طلب زيادة رأس المال. هذه العملية مزدوجة، حيث يخسر المساهم جزءاً رئيسياً من أمواله في عملية الخفض، ثم يُطلب منه سداد 100 فلس صحيحة كقيمة اسمية لسهم قيمته السوقية تتراوح بين 20 و50 فلساً.
ويعني عدم مشاركة المستثمر أو المساهم في زيادة رأس المال ضياع حقه في الأولوية بالاكتتاب، وقد تذهب بعض هذه الزيادات لتغطية مساهمين من الخارج يدخلون لأول مرة في الشركة، وهو ما يعتبر فرصة لمن لم يتكبد أي خسائر سابقة. هذا التعقيد يضع شرائح واسعة من المستثمرين الأفراد في مآزق، خاصة أولئك الذين استفادوا من توزيعات سابقة ثم عادوا للشراء قبل قرار الخفض.
تأثيرات سلبية على السوق المالي: تؤثر "دوامة الشطب ثم الزيادة" سلباً على سيولة البورصة عموماً؛ فمن جهة تضعف السيولة نتيجة تقليص كميات من الأسهم عبر الشطب، ومن ناحية أخرى تذهب السيولة لتغطية اكتتابات جديدة. كما تمتد تأثيرات هذه القضايا إلى الأطراف الدائنة، حيث يُطالب المدين بتقديم ضمانات إضافية أو سداد مركز الدين القائم.
تساؤلات حول المستقبل والضمانات: تطرح هذه الظاهرة تساؤلات جوهرية حول الضمانات التي يمكن للمساهم أن يستند إليها لضمان عدم تكرار سيناريو تآكل رأس المال مرة أخرى. وما الذي يمكن أن يحفز المستثمر الفرد في الأفق القريب أو المستقبل البعيد ليقبل على المساهمة في زيادة رأسمال شركة خاسرة؟ وهل من توزيعات مستقبلية أو مشاريع جديدة يمكن المشاركة فيها أو تغيير جذري في الإدارة والنهج يبعث على الثقة؟. هذه التساؤلات تبقى عالقة في ظل غياب رؤية واضحة لإعادة بناء الثقة في هذه الشركات.