رئيس القضاء العراقي: "الاتحادية" تجاوزت صلاحياتها بإلغاء اتفاقية خور عبدالله.. تداعيات خطيرة على الشرعية الدولية للعراق

أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، القاضي فائق زيدان، أن قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء قانون اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، الموقعة بين العراق والكويت عام 2012، يمثل تجاوزًا خطيرًا لصلاحياتها

عربية وعالميةأخر الأخبار

البيداء

7/23/20251 دقيقة قراءة

أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، القاضي فائق زيدان، أن قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء قانون اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، الموقعة بين العراق والكويت عام 2012، يمثل تجاوزًا خطيرًا لصلاحياتها ويحمل تداعيات واسعة على الشرعية القانونية والدبلوماسية للعراق.

وأوضح زيدان أن اتفاقية خور عبدالله لم تمس الحدود المترسمة بين البلدين بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لعام 1993، بل جاءت كمعالجة فنية وإدارية للآثار المترتبة على غزو نظام صدام حسين للكويت عام 1990. وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بعد تصديقها في مجلس الأمة الكويتي، وأصبحت ملزمة دوليًا وفقًا لمبدأ "العقد شريعة المتعاقدين" (pacta sunt servanda) في القانون الدولي.

وأشار رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى أن المحكمة الاتحادية سبق لها أن رفضت دعوى طعن سابقة ضد الاتفاقية، مؤكدة شرعيتها داخليًا، مما رسخ يقينًا قانونيًا بشأنها على المستويين المحلي والدولي.

غير أن المحكمة الاتحادية عادت لاحقًا لتعتبر القانون رقم 42 لسنة 2013 الخاص بالاتفاقية غير دستوري، مشترطة لتمريره موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب. واعتبر زيدان هذا المعيار الجديد سابقة خطيرة قد تؤدي إلى إبطال أكثر من 400 اتفاقية دولية أبرمها العراق وصُدق عليها سابقًا بالأغلبية البسيطة، مما يعني عمليًا نسف البنية القانونية للاتفاقيات الدولية للعراق على مدى العقدين الماضيين.

وشدد القاضي زيدان على أن مبدأ العدول القضائي هو أداة استثنائية بالغة الدقة، وقد حصره المشرع العراقي بالهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية، واشترط أن يكون العدول على "مبدأ قضائي مجرد" وليس على حكم قطعي، مع ضرورة صدور قرار معلل ودون المساس بالمراكز القانونية أو الحقوق المكتسبة. وأكد أن هذا التقييد الصارم يهدف لحماية استقرار التعاملات القانونية وحجية الأحكام.

ولفت إلى أن المحكمة الاتحادية العليا، رغم عدم وجود نص دستوري أو قانوني يمنحها صلاحية العدول، أدرجت في نظامها الداخلي مادة (45) تتيح لها تعديل مبادئها متى اقتضت "المصلحة الدستورية والعامة". واعتبر زيدان هذا الإجراء خروجًا على الطبيعة الإجرائية للأنظمة الداخلية وتجاوزًا لتدرج القواعد القانونية، حيث لا يجوز للنظام الداخلي منح صلاحيات إضافية لم ينص عليها القانون أو الدستور.

وأفاد بأن المحكمة لم تكتفِ بذلك، بل استخدمت هذا النص للطعن بحكم قطعي صادر عنها بتاريخ 18 ديسمبر 2014 يتعلق باتفاقية خور عبدالله، ووصفت نقض الحكم بأنه "عدول"، رغم أن المادة (45) نفسها تنص صراحة على أن العدول لا يكون إلا عن مبدأ مجرد وليس عن حكم. واعتبر أن هذا الإجراء مثل مساسًا مباشرًا بحجية الأمر المقضي به، وخلق فراغًا تشريعيًا واضطرابًا دبلوماسيًا، خاصة أن الحكم الملغى كان يشكل أساسًا لالتزام معاهدي مودع رسميًا لدى الأمم المتحدة.

واختتم رئيس مجلس القضاء الأعلى تأكيداته بأن أي قرار يُطلق عليه "عدول" خارج الأطر القانونية، وخاصة إذا مس حكمًا نهائيًا أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يعد لاغيًا من الناحية القانونية، ويلحق ضررًا بالغًا بمبدأ سيادة القانون، ويقوض ثقة المواطنين والمؤسسات في استقلال وشفافية القضاء. مشددًا على أن القرار الأول للمحكمة عام 2014 كان متسقًا مع الدستور والقانون الدولي، بينما القرار الثاني الصادر في 2023 افتقر إلى الأساس الدستوري والقانوني، وتسبب في تداعيات لا يُستهان بها.