غزة تحت وطأة المجاعة: فتاة تفارق الحياة جراء سوء التغذية الحاد والحصيلة ترتفع إلى 86 شهيداً بالجوع

في مشهد مؤلم يعكس عمق المأساة الإنسانية في قطاع غزة، فارقت الفتاة الفلسطينية رحيل محمد رصرص (32 عاماً) أنفاسها الأخيرة، مساء الاثنين، في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب القطاع. جاء رحيلها بعد معاناة قاسية مع المضاعفات الخطيرة لسوء التغذية الحاد، الناجم بشكل مباشر عن الحصار المفروض وتفشي المجاعة.

تداعيات المجاعة وحصيلة الضحايا: وبحسب مصادر طبية لوكالة الأناضول، كانت الشابة رحيل تزن نحو 50 كيلوغراماً قبل أشهر. إلا أن تداعيات الحصار ونقص الغذاء، التي أدت إلى تفشي المجاعة بشكل واسع، تسببت في انخفاض وزنها تدريجياً حتى وصل إلى 25 كيلوغراماً فقط، مما أدى إلى تدهور حالتها الصحية بشكل حاد وغير قابل للمقاومة. وأشارت المصادر إلى أن جسدها الهزيل لم يعد قادراً على مقاومة الجوع، في ظل غياب العلاج المناسب ونقص التغذية، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

باستشهاد الشابة رحيل رصرص، ترتفع حصيلة ضحايا المجاعة في قطاع غزة إلى 20 شهيداً خلال الـ 48 ساعة الماضية، وفقاً لمصادر طبية فلسطينية رسمية. وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت يوم الأحد أن سياسة التجويع التي يرتكبها الاحتلال في القطاع أسفرت عن استشهاد 86 فلسطينياً، منهم 76 طفلاً، جراء سوء التغذية الناتج عن منع دخول المساعدات إلى القطاع منذ أكتوبر 2023.

أزمة إنسانية شاملة وانهيار صحي: أظهر مقطع مصور الحالة الصحية المتردية للشابة رحيل، حيث بدت عظام وجهها وأطرافها بارزة بشكل مؤلم، مع وجه شاحب وعيون غائرة، ما يعكس شدة معاناتها مع الجوع وسوء التغذية. وكانت رصرص، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، عاجزة عن الحركة وتفتقر إلى الرعاية الصحية والغذوية اللازمة، في ظل الانهيار التام للمنظومة الصحية في غزة.

يعيش قطاع غزة حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية يشنها الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023. ومع الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء منذ شهر مارس، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع كافة، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد بشكل جلي على الأطفال والمرضى. وقد وثق ناشطون فلسطينيون خلال الأسبوع الجاري تساقط عدد من الفلسطينيين في الشوارع والطرقات العامة من شدة الجوع وإصابتهم بحالات إغماء.

ويشهد القطاع الصحي في غزة أوضاعاً كارثية جراء النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، وفق ما أكدته وزارة الصحة بغزة وتقارير أممية ودولية. إضافة إلى ذلك، تعمد الاحتلال استهداف المستشفيات والمراكز الطبية بغزة، حيث يبلغ عدد المستشفيات العاملة في القطاع حوالي 16 مستشفى تعمل جزئياً (من أصل 38 مستشفى)، بينها 5 حكومية و11 خاصة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الاحتلال، بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلاً كافة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف هذه الأعمال. وقد خلفت هذه الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح الكثيرين.