الحكومة اللبنانية على حافة الانهيار تحت وطأة ضغوط نزع السلاح وقانون الانتخابات
يعيش لبنان مرحلة جديدة من التوتر السياسي العميق، لا تقتصر تبعاتها على التعطيل المؤسساتي، بل قد تتدهور لتؤدي إلى تفكك الحكومة الحالية التي تضم أطرافًا ذات خلافات جذرية في الملفات السيادية والانتخابية
عربية وعالمية


يعيش لبنان مرحلة جديدة من التوتر السياسي العميق، لا تقتصر تبعاتها على التعطيل المؤسساتي، بل قد تتدهور لتؤدي إلى تفكك الحكومة الحالية التي تضم أطرافًا ذات خلافات جذرية في الملفات السيادية والانتخابية. إن تشابك الأزمات وغياب التوافق الوطني يعيدان إنتاج مشهد الانقسام الحاد، حيث تتداخل الحسابات الانتخابية مع الاستحقاقات السيادية، مما ينذر بمزيد من التأزيم في المرحلة المقبلة.أصبحت الانتخابات النيابية المقبلة هي المحور الأساسي الذي يتحكم في مجمل مواقف الأحزاب والكتل النيابية، بدءًا من عمل مجلس النواب وصولًا إلى أداء الحكومة، مرورًا بمقاربة ملف سلاح "حزب الله". وقد برز الانقسام العمودي بشكل واضح خلال الجلسة التشريعية الأخيرة، عندما طُرح الخلاف حول إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال. انسحب نواب "القوات اللبنانية"، و"الكتائب"، وعدد من نواب التغيير والمستقلين من الجلسة، اعتراضًا على رفض رئيس المجلس فتح باب النقاش حول تعديلات القانون، خاصة تلك المتعلقة بحق المغتربين في التصويت لـ 128 نائبًا. يرى هؤلاء أن تصويت الاغتراب عامل مؤثر قد يقلب موازين القوى، ويصرون على إدماج المغتربين بشكل كامل في العملية الانتخابية. في المقابل، تعارض قوى "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" أي تعديل للقانون الانتخابي، مفضلين الإبقاء على الآلية التي تحصر تصويت المغتربين بانتخاب 6 نواب مخصصين للاغتراب. ووفق مصادر متابعة، فإن الثنائي الشيعي لا يرى في تصويت المغتربين مصلحة له، نظرًا لصعوبة مشاركة قواعده الشعبية في دول يخضع فيها لعقوبات أو تضييقات سياسية.
وكما هو الحال في الانقسام الحاد حول قانون الانتخاب، تتجه البلاد نحو تصعيد سياسي أكبر في ملف لا يقل حساسية: سلاح "حزب الله". فمع استمرار الضغوط الأمريكية الرامية إلى دفع الحكومة لاتخاذ موقف واضح بشأن حصرية السلاح بيد الدولة، تتكثف الضغوط الداخلية أيضًا. وهناك معلومات تفيد بأن مكونات حكومية تهدد بالاستقالة في حال لم يتم إدراج هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء، مع جدول زمني وآلية تنفيذية واضحة لنزع السلاح غير الشرعي. في المقابل، يرفض "حزب الله" أي بحث في توقيت تسليم سلاحه، ويعتبر أنه التزم بما عليه من بنود الاتفاق، بينما لا تزال إسرائيل، برأيه، الطرف المخل بالالتزامات من خلال استمرار الاعتداءات، والخروقات، ورفض الانسحاب من الأراضي المتنازع عليها، وعدم الإفراج عن الأسرى. كما يربط الحزب سلاحه بالواقع الإقليمي، لا سيما الوضع في سوريا، حيث يرى أن أي تحول في بنية النظام القائم هناك يمثل خطرًا وجوديًا عليه، ويستوجب الاحتفاظ بقدراته الدفاعية. يرفض الحزب أي مهلة زمنية لتسليم السلاح، ويدعو إلى حوار وطني حول استراتيجية دفاعية ضمن رؤية شاملة للأمن القومي، وهو ما ترفضه أطراف أخرى ترى في هذا الطرح محاولة للتسويف وتأجيل بت ملف سيادي حاسم.
في ضوء ذلك، يجد لبنان نفسه أمام مشهد سياسي مأزوم: ضغوط خارجية متصاعدة، واستقطاب داخلي حاد، وخلافات جوهرية داخل الحكومة نفسها. ومع استمرار الخلاف على الملفات الكبرى، من قانون الانتخاب إلى سلاح "حزب الله"، لا يُستبعد أن يكون المسار الطبيعي للأحداث هو انفجار الحكومة، في حال فشلت الأطراف في التوصل إلى تفاهمات الحد الأدنى.