🍕 البيتزا مؤشّر جيوسياسي؟
كيف أصبحت الوجبات السريعة أداة لاستشراف الحرب... وماذا تخبرنا عن الشرق الأوسط اليوم؟
إقتصادية


في زمن تتسارع فيه الأحداث السياسية والاقتصادية إلى درجة تربك الحسابات التقليدية، بدأت الأنظار تتجه إلى مؤشرات "غير مألوفة" في التنبؤ بالمستقبل، ليس فقط اقتصادياً، بل وأمنياً وعسكرياً أيضاً. من مؤشرات اللاتيه إلى "بيغ ماك"، والآن... مؤشر البيتزا والبنتاغون.
هذه المؤشرات البديلة، التي قد تبدو ساخرة للوهلة الأولى، أثبتت في بعض الأحيان دقة لافتة في استباق الأحداث الكبرى، ومنها ما كشفته تقارير صحافية مؤخراً حول زيادة مفاجئة في طلبات البيتزا قرب مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في الليلتين السابقتين للضربة الإسرائيلية الأخيرة على إيران، ما أثار الانتباه إلى نظرية البيتزا والحرب التي تقول: «إذا زاد الطلب على البيتزا ليلاً في محيط البنتاغون، فهناك تحرك عسكري وشيك».
وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن هذه الظاهرة سُجلت تاريخياً في أكثر من مناسبة، مثل غزو غرينادا عام 1983، وأزمة بنما 1989، وحتى عشية اجتياح العراق للكويت عام 1990. وعلى خط موازٍ، كتب السفير الأميركي في إسرائيل قبيل الضربة: "صلّوا من أجل القدس"، ما عزّز التوقعات بتحرك وشيك.
لكن البيتزا ليست وحدها في هذا "العالم البديل" من المؤشرات؛ فعلى غرار مؤشر بيغ ماك الذي أطلقته مجلة "ذي إيكونوميست" عام 1986، لقياس القوة الشرائية للعملات من خلال سعر الوجبة الشهيرة، ظهرت مؤشرات أخرى مثل سعر قهوة "ستاربكس" أو عدد أقلام التلوين في المطاعم العائلية أو حتى أسعار الفشار في صالات السينما.
ولم تسلم المنطقة العربية من هذه "العدوى التحليلية"، إذ أطلقت بلومبرغ مؤخراً تقريراً حول ما أسمته "مؤشر الكشري" في مصر، الذي يُستخدم كمؤشر شعبي على التضخم وارتفاع الأسعار.
في الولايات المتحدة، استخدمت ملابس الرجال الداخلية كمؤشر للثقة الاقتصادية، حيث لوحظ أن الرجال قلّلوا شراءها خلال أزمة 2008، بينما كان مؤشر "سرقة الحيوانات الأليفة" يعكس تفشي الفقر والبطالة.
في كل هذه الأمثلة، تتضح المفارقة: في أوقات الحروب والتقلبات، قد تخفق النماذج الاقتصادية والسياسية الصارمة، بينما تصيب المؤشرات الغريبة أهدافها بدقة لافتة، لأنها تقيس "ردود الفعل البشرية الفعلية" بعيداً عن الحسابات الرسمية.
هكذا، لم تعد البيتزا أو الكشري أو الفشار مجرد أكلات، بل عدسات بديلة لفهم العالم... وربما استشراف ما هو قادم.