تداعيات حرب إيران وإسرائيل تهدد الاقتصادات العربية.. ومضيق هرمز في قلب المخاطر
محللون: إغلاق المضيق أو اتساع رقعة الحرب قد يدفع نحو ركود عالمي وتضخم شامل
عربية وعالمية


مع استمرار التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل منذ يوم الجمعة الماضي، تتزايد المخاوف من أن تتحول الحرب إلى عامل زعزعة للاستقرار الاقتصادي في المنطقة العربية، وسط تحذيرات من "السيناريو الأسوأ" المتمثل في غلق مضيق هرمز أو اتساع رقعة المواجهة لتشمل دولاً أخرى.
وأطلقت إسرائيل عمليتها العسكرية واسعة النطاق تحت اسم "الأسد الصاعد" ضد منشآت نووية وعسكرية إيرانية، وردّت طهران بعملية "الوعد الصادق 3" التي استهدفت عشرات المواقع داخل إسرائيل. ومع تبادل الهجمات المستمر، بدأت التداعيات الاقتصادية تلوح في الأفق، رغم محدوديتها النسبية حتى الآن.
تهديدات حقيقية في اليمن ولبنان وفلسطين
يرى الخبير اليمني عبد الحميد المساجدي أن الجماعة الحوثية ستكون أول المتضررين إذا استمرت الحرب أو تصاعدت، نظراً لاعتمادها شبه الكامل على الدعم الإيراني في مجالات الوقود والأدوية وقطع الغيار. وبيّن أن توقف الإمدادات سيؤدي إلى فوضى اقتصادية في مناطق سيطرة الحوثيين، وانتعاش السوق السوداء وارتفاع الأسعار بشكل حاد.
وفي لبنان، قال الدكتور أيمن عمر إن القطاع السياحي مهدد بانهيار محتمل مع إلغاء آلاف الحجوزات في ظل حرب مستمرة، بينما في فلسطين، أكد الدكتور سمير أبو مدللة أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني أصلاً من هشاشة وتبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وقد بدأت بالفعل مظاهر أزمة اقتصادية نتيجة ارتفاع الأسعار واضطراب سوق العملات، وزيادة القيود على حركة البضائع.
مكاسب نفطية مهددة في العراق والكويت والسعودية
في العراق، حذر الدكتور يعرب محمود من أن أي تصعيد قد يعطل صادرات النفط أو يؤدي إلى موجات نزوح من إيران، مما يشكل ضغطاً على البنية التحتية العراقية ويؤثر على السياحة والقطاعات الخدمية، مضيفًا أن توقف صادرات النفط يعني أزمة مالية حادة.
وفي الكويت، قال الدكتور ناصر محمد إن غلق مضيق هرمز، الذي تمر منه 90% من صادرات الكويت النفطية، سيؤدي إلى خسائر مباشرة في الإيرادات وارتفاع تكاليف التأمين والنقل، إضافة إلى تأثيرات محتملة على العملة المحلية وسوق الأوراق المالية.
أما الباحث السعودي عبدالعزيز الشعباني، فقد أشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط قد يكون ذا أثر إيجابي مؤقت على الموازنة السعودية، لكنه سينعكس سلباً على شركاء المملكة التجاريين وعلى السوق المحلية بسبب اضطراب سلاسل الإمداد وهروب الأموال الساخنة.
مصر: تأثير محدود حالياً... وقناة السويس مهددة
في مصر، قال الدكتور وليد جاب الله إن بلاده لم تشهد حتى الآن خروجًا للأموال الساخنة أو ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الوقود، لكنها تتابع الموقف بحذر، خصوصاً في ظل تأثر إيرادات قناة السويس بالصراع الإقليمي، والتي قد تتراجع أكثر في حال تعطل الملاحة في مضيق هرمز أو باب المندب.
أما الأردن، فقد أكد عوني الداود، مدير مركز الدستور للدراسات الاقتصادية، أن المنطقة تمر بفترة حرجة، ومع امتداد أمد الحرب سترتفع أسعار السلع والخدمات، ما يفاقم الضغط على اقتصادات الدول العربية وعلى الاقتصاد العالمي.
مضيق هرمز: العصب الاقتصادي المهدد
يشكل مضيق هرمز نقطة ارتكاز في هذه الأزمة، إذ تمر عبره نحو 20% من تجارة النفط العالمية. ويرى المحللون أن أي إغلاق له سيؤدي إلى ارتفاع هائل في أسعار الطاقة، وارتباك في سلاسل التوريد العالمية، وانهيار في أسواق المال، وركود اقتصادي عالمي محتمل.
المساجدي حذّر من أن اليمن سيكون من بين أكبر المتضررين محليًا إذا توقفت الإمدادات الإيرانية البحرية، بينما يرى أبو مدللة أن غلق هرمز سيقود إلى موجة غلاء في الأراضي الفلسطينية. وفي العراق، أشار يعرب محمود إلى أن ذلك سيؤدي إلى توقف صادرات النفط التي تشكّل أكثر من 90% من الموازنة، ما يهدد بدوامة من العجز المالي.
بدوره، قال الدكتور ناصر محمد إن غلق هرمز سيؤدي إلى صدمة مباشرة لصادرات الكويت النفطية، ويؤثر على الإنتاج الصناعي العالمي نتيجة تضخم تكاليف الشحن والطاقة.
صورة قاتمة ما لم يُحتوى التصعيد
تتفق معظم التحليلات على أن استمرار الحرب أو توسعها الجغرافي إلى دول مثل لبنان والعراق واليمن، سيقود إلى موجة من التضخم الحاد، وشلل في سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، مع انعكاسات خطيرة على أسواق المال والاستثمار، والقطاعات السياحية والغذائية والطاقة.
ويؤكد الباحثون أن فرص النجاة الاقتصادية مرهونة بمدى قدرة الأطراف الإقليمية والدولية على احتواء التصعيد، وعودة الأطراف إلى المسار الدبلوماسي قبل فوات الأوان.